#

كيف يستطيع الهاتف الذكي عد خطواتك بدقة متناهية ومعرفة متى تسير ومتى تركب السيارة ببطء

كيف يستطيع الهاتف عد خطواتك بدقة؟

عندما تدير هاتفك من الوضع الرأسي إلى الأفقي فهو يقوم بتدوير الشاشة وحده (إن كنت سمحت بذلك من الضبط) لكن كيف يعرف الهاتف أنه في الوضع الأفقي أو الرأسي؟ الجواب هنا هو ببساطة مجموعة من الحساسات التي تقيس التسارع والموجودة ضمن الهاتف، حيث يستطيع الهاتف معرفة اتجاهه بالنسبة للأرض كونه يقيس في كل لحظة تسارع الجاذبية الأرضية كقيمة واتجاه، وبناء على اتجاه الجاذبية يدرك الهاتف متى يكون متجهاً لأعلى ومتى يكون متجهاً لأسفل.

قد يبدو أمر قياس الخطوات بالاعتماد على التسارع غريباً للغاية، وبالأخص في حال لمن لا يمتلكون اطلاعاً كافياً على المصطلح. لكن وبأبسط شكل: التسارع هو تغير السرعة، وعلى عكس السرعة يمكن قياس التسارع بشكل أسهل للغاية كونه يعبر عن قوة (قوة الجاذبية الأرضية ترتبط بتسارع الجاذبية)، على العموم يمكن دائماً قياس تغير السرعة أسهل بكثير من قياس السرعة نفسها، ففي حال كنت في طائرة في الجو فأنت لن تحس بسرعتها مع أنها كبيرة للغاية، لكن لحظات الإقلاع التي تتضمن تغير السرعة ملحوظة بالطبع.

على العموم وبالنسبة لكون الهواتف الحديثة قادرة على قياس التسارع، يبقى هناك نقطة أخيرة: ما هي العلاقة بين التسارع والمشي؟ ببساطة العلاقة هنا واضحة، فعلى عكس حركة سيارة مثلاً فالمشي ليس مستقراً تماماً، وحتى عندما تسير بشكل مستقيم فأنت في الواقع تتسارع قبل أن تثبت لبرهة فقط وتعود للتسارع مع الخطوة التالية، وبالنتيجة يظهر تسارعك على شكل صعود ونزول متتالٍ في حال تم عرض التسارع على خط بياني.

 

في الواقع يمكن تجربة الأمر بنفسك في معظم الهواتف، فقط ادخل إلى تطبيق الاتصال وأدخل التالي: *#0*# (نجمة مربع صفر نجمة مربع) وستظهر أمامك واجهة اختبار الهاتف حيث عادة ما تستطيع الوصول إلى خيارات حساس التسارع (Accelerator) ومراقبة تغيره على شكل خط بياني، وهنا يمكنك أن تقف قليلاً وتبدأ بالمشي بعدها ومن ثم تتوقف، وسيظهر الخط البياني كما في الصورة مع التعرجات كخطواتك والمنطقة المستوية عند وقوفك وثبات الهاتف.

بالطبع فالاكتفاء بمراقبة التعرجات وحدها ليس مقياساً جيداً وإلا كانت كل حركة مفاجئة سيتم احتسابها كخطوة إضافية، لذا عادة ما تتضمن الهواتف خوارزميات مخصصة لتمييز التعرجات المتناسبة مع الشكل المعتاد للخطوات عن تلك الناتجة عن أسباب أخرى.

النتيجة النهائية هي آلية عد خطوات مثالية وذات دقة عالية نسبياً دون الحاجة لتقنيات تحديد الموقع ومع الحد الأدنى من صرف الطاقة كون حساسات التسارع معروفة بكونها موفرة للطاقة لأبعد حد وعادة ما تبقى فعالة طوال الوقت على أي حال.

 

ماذا عن حساسات التسارع وكيف تعمل أصلاً؟

إلى هنا ستكون قد عرفت مبدأ عمل عد الخطوات في الهواتف وكونه ببساطة مراقبة لتغير التسارع، لكن كيف تعمل حساسات التسارع أصلاً؟ وكيف يمكن للهاتف أن يعرف متى تتغير سرعته ومتى يكون موضعه رأسياً أو أفقياً؟ الجواب ببساطة هو قياس التيار الكهربائي الخارج من أدوات معينة.

هناك طريقتان أساسيتان للأمر، الأولى هي الاعتماد على مادة ذات بنى كريستالية دقيقة تقوم بتقديم جهد كهربائي عندما تتعرض للضغط نتيحة التسارع (تذكر أن التسارع مرتبط بقوة دائماً) وبقياس الجهد الذي يتم تقديمه من عدة بنى كريستالية مختلفة ذات توجيه مختلف يمكن التعرف على التسارع بدقة نسبياً بعد طرح تسارع الجاذبية الأرضية من المعادلة كونه ثابتاً نسبياً.

الطريقة الثانية والأكثر شيوعاً هي استخدام مجموعة مكثفات دقيقة للغاية (المكثفة هي ببساطة سطحان متقابلان مشحونان بشحنتين متعاكستين يفصلهما عازل ضيق كالهواء) حيث أن أحد “لبوسي المكثفة يمتلك بعض الحرية للحركة، وعندما يتعرض لتسارع فهو يتحرك أقرب أو أبعد إلى اللبوس الثاني، وكون شحنة المكثفة ترتبط مباشرة بالمسافة بين لبوسيها يمكن معرفة التسارع من تغير الشحنة، ومع 3 مكثفات متعامدة على الأقل يمكن التعرف على قيمة التسارع واتجاهه بدقة عالية عادة.

 

 

في حال كان الحديث عن عد الخطوات، عادة ما يكون الاعتماد على حساسات التسارع في الهاتف أكثر من كافٍ في الواقع، لكن في معظم الاستخدامات عادة ما تعمل حساسات التسارع بالتعاون مع حساس “جيروسكوب” وحساس مغناطيسي كذلك، لكن شرحها يطول في مقال صغير كهذا، بل سنتناولها ضمن مقال كامل عن مختلف الحساسات الموجودة والشائعة الاستخدام في الهواتف الذكية اليوم.