ما هو محرك الاحتراق الداخلي ولماذا يحمل هذا الاسم؟
مقطع في محرط الاحتراق الداخلي يوضح توزع الاسطوانات.
لفهم فكرة تسمية محرك الاحتراق الداخلي، يجب النظر إلى المحركات التي سبقته أولاً، وهنا نقصد الأشكال المختلفة للمحركات البخارية. حيث كانت هذه المحركات تعتمد على إحراق الوقود تحت مرجل مملوء بالماء، وبالاعتماد على ضغط البخار الناتج عن احتراق الوقود يتم الحصول على الطاقة وتحويلها لتحريك عجلات القطارات (في البداية على الأقل).
على عكس المحركات البخارية، لا تستخدم محركات الاحتراق الداخلي بخار الماء، وبدلاً من إحراق الوقود في فرن مهوى يتم ذلك ضمن بيئة مغلقة للغاية بحيث يتم استغلال الطاقة القادمة من ضغط غازات الاحتراق للحصول على الحركة.
كون إحراق الوقود يتم ضمن أسطوانة مغلقة، فمن المنطقي تسمية محركات الاحتراق الداخلي بهذا الاسم، فالاحتراق يتم داخل المحرك ونتائجه المباشرة هي المسؤولة عن تشغيل المحرك في الواقع.
مكونات محرك الاحتراق الداخلي
مع الأنواع العديدة لمحركات الاحتراق الداخلي، هناك العديد من المكونات الثانوية التي أو المتغيرة حسب المحرك، لذا سنركز هنا على المكونات المشتركة التي يفترض أن توجد في كل محرك احتراق داخلي رباعي الأشواط:
مكونات الأسطوانة في محرك الاحتراق الداخلي رباعي الأشواط.
- الأسطوانة (Cylinder): هي فتحة أسطوانية الشكل يتحرك ضمنها المكبس، الطرف العلوي لها يتضمن بعض الصمامات، فيما يغلق المكبس الطرف السفلي لها.
- المكبس (Piston): هو قرص معدني بنفس قطر الأسطوانة يغلق الطرف السفلي لها ويتحرك ضمنها بشكل رأسي متناوب خلال عمل المحرك.
- ذراع التوصيل (Connecting Rod): هي ذراع معدنية متصلة بالمكبس عبر محور يسمح لها بالدوران، وفي الطرف الآخر تتصل مع عمود المرفق ومهمتها نقل الحركة.
- عمود المرفق (Crankshaft): هو قضيب معدني أسطواني مع تعرجات ضمنه في أماكن التقاءه مع أذرع التوصيل، ومهمته الأساسية هي تحويل الحركة الترددية للمكبس إلى حركة دورانية.
- صمام الدخول (Inlet Valve): وهو الصمام الذي يسمح بدخول الهواء والوقود إلى الأسطوانة ويفتح خلال شوط السحب.
- صمام العادم (Exhaust Valve): وهو الصمام الذي يسمح بخروج غازات الاحتراق من الأسطوانة ويفتح في نهاية شوط القدرة أو بداية شوط العادم.
- عمود الكامات (Camshaft): قضيب معدني مع نتوءات موزعة عليه، يأخذ حركته الدورانية من عمود المرفق وينظم بدورانه فتح وإغلاق الصمامات الموجودة في رأس الأسطوانة.
بالإضافة للمكونات، من المهم فهم بعض المصطلحات الهامة المعلقة بالمحركات الترددية مثل:
- النقطة الميتة العليا: هي أعلى نقطة يصل إليها المكبس ضمن الأسطوانة.
- النقطة الميتة السفلى: هي أدنى نقطة يصل إليها المكبس ضمن الأسطوانة.
- شوط المكبس: هو المسافة التي يقطعها المكبس بين النقطيتين الميتتين العليا والسفلى.
كيف يعمل محرك الاحتراق الداخلي
هناك نوعان أساسيان من عمل محركات الاحتراق الداخلي، وهذان النوعان محددان بالوقت اللازم لكل أسطوانة لتقديم الطاقة للمحرك. في حال كانت الطاقة تقدم مرة خلال كل دورتين لعمود المرفق يكون المحرك رباعي الأشواط، وفي حال كانت الطاقة تقدم مع كل دورة يكون المحرك ثنائي الأشواط.
كيف يعمل محرك الاحتراق الداخلي الترددي رباعي الأشواط
يسمى هذا النوع من محركات الاحتراق الداخلي باسم رباعي الأشواط لأن عمله يتكون من 4 مراحل متتالية، حيث أن كل أسطوانة تعطي طاقتها خلال شوط واحد بينما تكن تستهلك الطاقة خلال الأشواط التالية. هذه الأشواط الأربعة هي:
دورة محرك الاحتراق الداخلي رباعي الأشواط.
شوط السحب
يبدأ الشوط مع المكبس في النقطة الميتة العليا، حيث ينخفض المكبس تدريجياً ويفتح صمام الدخول ليملأ الهواء أو مزيج الهواء والوقود الأسطوانة، وينتهي الشوط بوصول المكبس إلى النقطة الميتة السفلى وإغلاق صمام الدخول.
شوط الضغط
خلال هذا الشوط تكون الصمامات جميعها مغلقة، ويبدأ المكبس بالتحرك للأعلى (بالاعتماد على دوران عمود المرفق) لضغط محتوى الأسطوانة إلى الحد الأقصى.
شوط القدرة
يتم إشعال الوقود في الأسطوانة بالاعتماد على شرارة كهربائية في محركات البينزين، أو أن الوقود يشتغل تلقائياً بفعل الضغط والحرارة في محركات الديزل. ونتيجة عملية الاحتراق تنتج العديد من الغازات الساخنة والمضغوطة التي تحرك المكبس للأسفل وتجبر عمود المرفق على الدوران.
شوط العادم
مع انتهاء عملية الاحتراق، يعود المكبس للصعود فيما يفتح صمام العادم ليسمح بخروج غازات الاحتراق من الأسطوانة وتهيئتها لبدأ دورة المحرك من جديد.
في كل 4 أشواط للمحرك، يدور عمود المرفق مرتين. وخلال هذا الوقت تقدم الأسطوانة الطاقة في شوط واحد فقط هو شوط القدرة، فيما تعتمد على دوران عمود المرفق في الأشواط التالية. وبوجود عدة أسطوانات ضن المحرك، يتم توزيع العمل بحيث لا يكون عمود المرفق دون طاقة محركة من إحدى الأسطوانات.
كيف يعمل محرك الاحتراق الداخلي الترددي ثنائي الأشواط
على عكس المحركات رباعية الأشواط، تستخدم محركات الاحتراق الداخلي ثنائية الأشواط مبدأً مختلفاً قليلاً للسماح بجعل كل أسطوانة تنتج الطاقة الحركية مع كل دورة لعمود المرفق، وبالتالي يتم كل شيء خلال شوطين للمكبس فقط وهما:
دورة محرك الاحتراق الداخلي ثنائي الأشواط.
شوط القدرة
يبدأ الشوط مع المكبس في النقطة الميتة العليا، حيث يشتعل الوقود ويؤدي تمدده إلى توليد الطاقة ودفع المكبس للأسفل. وأثناء نزول المكبس وقبل الوصول إلى النقطة الميتة السفلى بقليل يفتح صمام العادم ليبدأ بالسماح للغازات بالخروج، ومن ثم يفتح صمام الإدخال للسماح بدخول الشحنة الجديدة ودفع ما تبقى من غازات العادم إلى خارج الأسطوانة فيما يسمى بعملية التكنيس.
شوط الضغط
يبدأ الشوط مع المكبس في النقطة الميتة السفلى، وبالحركة للأعلى يساهم في تكنيس الأسطوانة قبل أن تقفل صمامات الإدخال والعادم، ويبدأ المكبس بضغط الشحنة تدريجياً حتى الوصول إلى النقطة الميتة العليا حيث يحترق الوقود ويبدأ شوط القدرة التالي.
في المحركات ثنائية الشوط لا يوجد شوط خاص لتكنيس الأسطوانة والتخلص من غازات العادم، بل يقتطع الجزء الأخير من شوط القدرة وبداية شوط الضغط لهذه الغاية، وبالتالي يمكن للمحرك أن يحقق عمل كل أسطوانة خلال شوطين أو دورة واحدة لعمود المرفق فقط.
أنواع محركات الاحتراق الداخلي المستخدمة اليوم
مع التنوع الكبير لمحركات الاحتراق الداخلي الموجودة اليوم، من الممكن تصنيفها وفق العديد من المعايير في الواقع، وهنا سنقدم بعضاً من هذه التصنيفات الهامة:
أنواع محركات الاحتراق الداخلي حسب عدد الأشواط
كما شرحنا أعلاه، هناك نوعان أساسيان هنا فقط:
- المحركات رباعية الأشواط: تحتاج لأربعة أشواط أو دورتين لعمود المرفق لتقديم شوط قدرة وحيد وشرحنا عملها أعلاه.
- المحركات ثنائية الأشواط: تحتاج لشوطين فقط أو دورة وحيدة لعمود المرفق لتقديم شوط القدرة.
عادة ما تكون المحركات ثنائية الأشواط أخف وزناً وأصغر حجماً، كما أنها أبسط من حيث التصميم والصيانة مما يجعلها أرخص ثمناً. لكن بالمقابل تعاني هذه المحركات من كونها تصدر ضجيجاً واهتزازات أكثر، كما أنها أقل اقتصادية وعادة ما تتلف بشكل أسرع من نظيرتها رباعية الأشواط.
من حيث الاستخدام، عادة ما تستخدم المحركات ثنائية الشوط في الأشياء الصغيرة مثل المنشار أو جزازة العشب أو بعض السيارات والدراجات النارية. لكن في معظم الحالات تستخدم المحركات رباعية الأشواط في الآليات الكبيرة مثل السيارات والشاحنات وسواها، فهي اقتصادية أكثر وتدوم لوقت أطول بكثير من نظيرتها ثنائية الأشواط.
أنواع محركات الاحتراق الداخلي حسب توزيع الأسطوانات
بطبيعة الحال تتضمن المحركات مجموعة من الأسطوانات التي تعمل معاً للحفاظ على دوران عمود المرفق والتحكم به، وبالنتيجة هناك عدة طرق لتوزيع هذه الأسطوانات على طول عمود المرفق للحصول على النتائج المطلوبة:
التوزيع الخطي
يستخدم في معظم السيارات والمحركات الصغيرة التي تتضمن عدد أسطوانات قليل، حيث تتوضع الأسطوانات كصف على استقامة واحدة معاً.
توزيع V
تستخدم في السيارات الرياضية التي تمتلك العديد من الأسطوانات وفي الشاحنات والمركبات الكبيرة، حيث تقسم الأسطوانات إلى مجموعتين بينهما زاوية حادة عادة بحيث لا تشغل الأسطوانات حجماً كبيراً من حيث الطول.
توزيع W
تستخدم في بعض المحركات البحرية المتوسطة الحجم حيث يكون من الضروري اتساع أكبر عدد ممكن من الأسطوانات في المحرك دون الحاجة إلى عمود مرفق طويل جداً.
التوزيع المتقابل
تتوضع الأسطوانات بشكل مستقيم على طرفي عمود المرفق مع زاوية 180 درجة بينهما مما يجعل المحرك عرضياً تماماً.
التوزيع الدائري
تتوضع الأسطوانات على محيط دائرة محورها هو عمود المرفق، وتستخدم بشكل شبه حصري في محركات الطائرات (غير النفاثة طبعاً).
أنواع محركات الاحتراق الداخلي حسب طريقة حقن الوقود والإشعال
عند إدخال الوقود إلى الأسطوانة، هناك في الواقع طريقتان مختلفتان للأمر، وكل من هاتين الطريقتين تستخدم في محركات مختلفة حسب نوع الوقود، حيث أن الوقودين الأساسيين عادة هما البنزين والديزل:
حقن وإشعال الوقود في محركات البنزين
تتضمن محركات البنزين عادة جزئاً باسم المفحم (Carburetor) مع مهمة أساسية هي مزج البنزين مع الهواء حسب نسبة الاشتعال المطلوبة، ومن ثم تقديم المزيج إلى المحرك ضمن شوط السحب. والسبب الأساسي في نجاح الأمر هو أن البنزين معروف بسهولة تطايره وبالتالي يمكن مزجه مع الهواء بفعالية.
عند الوصول إلى شوط القدرة، يلزم إشعال مزيج الهواء والوقود، ولهذه الغاية تستخدم شرارة كهربائية من شمعة احتراق (Spark Plug) لإشعال المزيج وبدأ شوط القدرة بذلك.
حقن وإشعال الوقود في محركات الديزل
على عكس البنزين سهل التطاير، فالديزل لا يتطاير في الهواء، وبالتالي لا يمزج الوقود والهواء معاً، بل يتم إدخال الهواء وحده خلال شوط السحب، ومن ثم يتم رش الديزل ضمن الأسطوانة مع نهاية شوط الضغط وبداية شوط القدرة.
مع أن محركات الديزل تحتاج إلى صمامات خاصة للوقود، فهي لا تحتاج لمفحم أو لشمعات الاحتراق، حيث أن محركات الديزل تقدم معدل ضغط أعلى بكثير من نظيرتها التي تستخدم البنزين، وبالتالي يشتعل الديزل بمجرد رشه ضمن الأسطوانة بفعل الضغط والحرارة العاليين.
محرك الاحتراق الداخلي الدوراني (محرك فانكل Wankel)
مراحل عمل دارة فانكل في محركات الاحتراق الداخلي
يعد هذا المحرك تطوراً جديداً نسبياً في عالم محركات الاحتراق الداخلي، فقد بدأ العمل عليه في منتصف القرن العشرين، وقدم طريقة عمل جديدة ومختلفة بوضوح عن طريقة عمل محركات الاحتراق الداخلية الترددية.
يتضمن المحرك عمود مرفق مركزي بالنسبة للاسطوانة، وضمن الأسطوانة شكل مثلثي مع حواف منحنية يدور باتجاه واحد بشكل مستمر، حيث ينتج عن دوران المثلث ضمن الأسطوانة سحب الهواء والوقود أولاً، ومن ثم ضغطه، وبعدها يتم إشعال الوقود وأخيراً التخلص من غازات العادم.
من حيث المبدأ يتبع هذا المحرك الذي يحمل اسم المهندس الألماني الذي اخترعه (Felix Wankel) دورة محرك رباعي الأشواط، وهو يقدم حلاً جيداً يقلل الاهتزازات ويجعل عمل المحرك أكثر سلاسة كون العمل يتم بشكل دوراني مستمر بدلاً من الحركة الترددية المعتادة.
محرك سيارة Mazda RX-8 الذي يستخدم دارة فانكل.
يجدر بالذكر أن هذا المحرك قد شهد بعض الاستخدام منذ تقديمه حتى الآن، فقد تم استخدامه في العديد من موديلات الدراجات النارية والطائرات الصغيرة الحجم، كما أن بعض سيارات السباق والسيارات الرياضية من شركة مازدا (Mazda) تستخدم المحرك بنجاح كبير.