ماذا حصل ضمن التجربة؟
يبدأ الفيديو بمالك القناة على الشاشة وهو يتحدث عن التجربة التي سيقوم بها، حيث أنه قام بفتح مجموعة من المواقع المتنوعة والمختلفة، وقام بمراقبة الإعلانات التي تظهر فيها سواء على حواف الشاشة أو وسط نص المقالات والصفحات، وكما هو متوقع لم تظهر أية إعلانات تتحدث عن الموضوع الذي يريد اختباره والذي هو “ألعاب الكلاب”، بعد ذلك بدأ بالحديث عن كونه يحتاج للعبة لكلبه وهو بحاجة ماسة لها ويريد شرائها من متجر إلكتروني أو مكان قريب، واستمر بذلك لعدة دقائق قبل أن يبدأ الجزء الثاني من الاختبار.
في الجزء الاني من الاختبار، يعود “ميتشولو” لزيارة نفس المواقع والصفحات التي قام بزيارتها في المرة الأولى ومراقبة الإعلانات فيها، وعندها يرى إعلاناً للعبة للكلاب ويقوم بالضغط عليه وتصفح الموقع المعلن لبعض الوقت قبل أن يكمل تصفح المواقع الأخرى، وبالطبع ظهرت له عشرات الإعلانات التي تتحدث عن ألعاب الكلاب مما قاده وملايين المتابعين إلى الاعتقاد بأن الأمر حقيقي وGoogle تتجسس على المستخدمين، ومن هناك انطلق الخبر أكثر إلى عشرات المواقع والصفحات التقنية الصغيرة وبالأخص في العالم العربي.
بالطبع يمكنك مشاهدة الفيديو الأصلي الذي لم يحذف حتى الآن من هنا:
هل التجربة مزورة؟ أم أن هناك خطأ ما؟
بالنسبة لأي شخص غير خبير بالتقنية، أو حتى لو كان خبيراً لكن مع بعض الريبة والقلق يبدو الفيديو كدليل قاطع لا يمكن إنكاره، لكن ردة الفعل لشخص يعرف الأمر جيداً هي أن التجربة على الأرجح مزورة، وفي الواقع فطريقة تزويرها ليست صعبة حقاً، فوجود أي شخص آخر قام بتسجيل الدخول إلى الحساب نفسه يكفي لأن يقوم بعدة عمليات بحث متتالية عن ألعاب الكلاب، وبالتالي ستبدأ إعلاناتها بالظهور بطبيعة الحال. على أي حال فمع أن فكرة التزوير ليست مستبعدة حقاً فالفيديو ممتلئ بالأخطاء التي تشير إلى كون الأمر على الأرجح خطأ غير مقصود، وهنا بعض من هذه الأخطاء:
الفيديو كان مرفوعاً بشكل مباشر إلى YouTube
كما يعلم الجميع، فموقع YouTube العملاق مملوك لصالح شركة Google ويستخدم بشكل دائم من قبلها لتحسين تقديم المحتوى والإعلانات للمستخدمين، وبما أن الشركة تقوم بتفحص جميع الفيديوهات المرفوعة إلى الموقع بشكل صوتي (بالأخص تلك باللغة الإنجليزية) لتفعيل خدمة الترجمة الكتابية، فبالنسبة لـ Google كلام “ميتشولو” المتكرر عن ألعاب الكلاب يعني أنه مهتم بالأمر ومن المنطقي أن تبدأ بإظهار إعلانات ألعاب الكلاب له.
هذا الأمر ليس حصرياً لـ YouTube أو Google فقط، فـ Facebook يستخدم نفس الآلية بالضبط عند رفع الفيديو إليه وبالأخص الفيديو المباشر، لذا ومع أن الأمر يبدو وأن Google يستمع إلى “ميتشولو” طوال الوقت، فالموقع يستمع للفيديو الذي يرفعه فقط، مما يجعل التجربة بأكملها دون أي قيمة في هذه الحالة.
الخطأ الأكبر هو الضغط على الإعلان
عند مشاهدة “ميتشولو” للإعلان الأول قام بالضغط عليه وتصفح الموقع المعلن لبعض الوقت، قد يبدو هذا التصرف عادياً وغير مؤثر على الأمر حقاً، لكن في مجال الإعلانات الإلكترونية فهذه الضغطات هي الأهم، فبالنسبة للمعلن وGoogle على حد سواء يعني ضغط المستخدم على الإعلان أنه مهتم به، لذا سيتم توجيه المزيد والمزيد من إعلانات ألعاب الكلاب إليه كونها تظهر وأنها تعطي فاعلية كبيرة تجاهه.
هذه الضغطة الوحيدة كفيلة بتغيير الكثير من الأشياء في النتيجة المزعومة للاختبار، ومع أنه كان على الأرجح سيشاهد عدة إعلانات أخرى لألعاب الكلاب، فقد ضاعفت الضغطة احتمال ذلك عدة مرات وجعلت الأمر أكيداً تماماً، مما ساهم بدوره بالنتيجة المضللة التي بدأ الأشخاص بتداولها دون محاولة تبيان الحقيقة.
ما هي ردة فعل ناشر الفيديو الأصلي؟
بالعودة إلى القناة التي نشرت الفيديو الأصلي على شكل بث مباشر، فمن الواضح أن الناشر لم يكن يتوقع هذا العدد الهائل من المشاهدات أبداً، فبالإضافة لكون الفيديو حصل على أكثر من مليوني مشاهدة، فقد تم استنساخه وإعادة رفعه إلى مواقع التواصل الاجتماعي عشرات المرات، ووصلت الرسالة المضللة إلى ملايين الأشخاص الذين بات العديد منهم يعتقدون أنهم مراقبون طوال الوقت، وأن Google تستمع لكل كلمة ينطقونها. ومع كون الفيديوهات الأخرى للناشر بالكاد تحصل على ألف مشاهدة بالمتوسط، فمن الواضح أن هذه الشهرة الآنية غيرت الكثير، وضاعف عدد المشتركين بقناته عدة مرات.
بعد نشر الفيديو بدأ العديد من الأشخاص بملاحظة الأخطاء الموجودة والكلام عنها سواء ضمن التعليقات على الفيديو الأصلي، أو على مواقع أخرى مثل Reddit، ومع وضوح أن هناك شيئاً خاطئاً قام الناشر برفع فيديو آخر يعتذر فيه عن التضليل الذي تسبب به بشكل غير مقصود، كما يذكر الأخطاء التي ارتكبها والتي قادت لهذه النتيجة الخاطئة، وبعدها قام بالتجربة مجدداً لكن هذه المرة قام بتسجيل الفيديو وحده دون بث مباشر، وكما هو متوقع كانت النتيجة سلبية تماماً ولم تصله أية إعلانات قريبة حتى من الأمر الذي كان يتحدث عنه.
فيديو الاعتذار عن الخطأ:
التجربة الثانية:
لا زلت مشككاً؟ يمكنك التجربة بنفسك!
بالنسبة للبعض فكل ما تحدثنا عنه أعلاه ليس كافياً لدحض كذبة كون Google تستمع إلينا طوال الوقت، ومع أن الألة أكثر من كافية فلا ضير من تجربة صغيرة وبسيطة للغاية في هذا المجال يمكن القيام بها على أي هاتف ذكي أو حاسوب ببساطة:
قم بإغلاق جميع البرامج التي من الممكن أن تستخدم الإنترنت أولاً، ومن ثم تأكد من إيقاف التحديثات لتجنب أية تشويش على الأمر. في حال كنت تستخدم هاتفاً ذكياً قم بتثبيت أحد التطبيقات العديدة التي تراقب حركة البيانات عبر الشبكة، وفي حال كنت تستخدم حاسوباً قم بالدخول إلى إدارة المهام (بالضغط على مفاتيح Ctrl + Shift + Esc معاً) واختر تبويبة الأداء (Performance) وضمنها اختر الشبكة لتتمكن من مشاهدة نشاط البيانات المتبادلة بين حاسوبك والإنترنت.
بعد ذلك افتح أي متصفح تفضله وقم بالدخول إلى Google.com، وهنا يمكنك الكلام أو الغناء أو فعل ما تشاء ومشاهدة نشاط الإنترنت إن كان سيتغير أم لا، ففي حال كانت Google تقوم بالاستماع إليك يجب أن يتم إرسال الصوت عبر الإنترنت وسيبدو ذلك واضحاً بالطبع، لكن إن طبقت الخطوات بشكل صحيح سيكون من الواضح أنه لا يوجد أي نشاط تبادل بيانات، وأن Google لا تستمع إليك حقاً إلا عندما تريدها أن تستمع إليك (عند البحث الصوتي أو استخدام المساعد الشخصي).