#

لماذا تبدو الأحرف مرتبة عشوائياً في لوحة المفاتيح بدلاً من ترتيبها أبجدياً؟

لماذا لا ترتب المفاتيح بشكل أبجدي في لوحات المفاتيح

كفكرة تبدو لوحة مفاتيح مرتبة أبجدياً كفكرة مثيرة للاهتمام، لكنها ليست عملية أبداً.

من حيث الترتيب، فوضع الأحرف بترتيبها الأبجدي يبدو كفكرة جيدة للغاية. فبهذه الطريقة سيكون معظم الأشخاص قادرين على معرفة وتوقع أماكن الأحرف بسهولة نسبياً. وبهذا من الممكن تقليل الحيرة الشديدة التي تصيب أي شخص يستخدم لوحة المفاتيح للمرة الأولى. فبدلاً من الحاجة للبحث عن المفاتيح عشوائياً، سيكون من السهل توقع مكان المفتاح بسهولة. لكن عند تصميم لوحات المفاتيح لم يكن المهم هو سرعة الاعتياد عليها، بل  الممكنة بالدرجة الأولى.

 

مع التسليم بكون المفاتيح المرتبة أبجدياً أسهل للتعلم للمبتدئين، ماذا عن  الجواب هنا بسيط للغاية، فسرعة الكتابة ستكون منخفضة للغاية وطريقة الكتابة عموماً لن تكون مريحة أصلاً. ببساطة فلوحات المفاتيح الحالية ترتب الأحرف الأكثر استخداماً في الأماكن الأسهل للوصول. وبالمقابل فالمفاتيح قليلة الاستخدام تكون بعيدة عموماً. ببساطة أنظر إلى مكان أحرف “ظ” و”ذ” و”ض” في لوحة المفاتيح العربية.

أتذكر تماماً أنني كنت أستخدم الحاسوب لأكثر من عامين عندما اكتشفت أخيراً وجود حرف الذال على لوحة المفاتيح أصلاً. وقبلها كنت أتجنبه أصلاً لأنني لم أكن أعتقد أنه موجود. وبالطبع فسبب الأمر بسيط للغاية، فهو حرف قليل الاستخدام للغاية. لذا فالأفضل إبقاؤه بعيداً وعطاء الأماكن القريبة للأحرف الأكثر تكراراً. لكن في لوحة مفاتيح مرتبة أبجدياً، سيكون حرف الألف المستخدم جداً بعيداً للغاية عن الأصابع. بينما أحرف مثل الذال أو الظاء قريبة للغاية منها.

 

لماذا تستخدم لوحة مفاتيح QWERTY وليس سواها؟

الجميع يعرف شكل لوحة مفاتيح Qwerty، ومع أنها ليست مثالية فهي بالتأكيد أفضل من الترتيب الأبجدي.

في حال نظرت إلى لوحة المفاتيح الإنجليزية على حاسوبك أو هاتفك الذكي. فالأرجح أنك ستلاحظ كون أول أحرف من الصف العلوي للوحة المفاتيح هو أحرف QWERTY. وببساطة فهذا هو مصدر الاسم. لكن سبب الاستخدام هنا مثير للاهتمام في الواقع. فعلى الرغم من أن لوحة المفاتيح هذه أسرع بمراحل من ترتيب الأحرف أبجدياً. فهي لا تزال بعيدة عن أن تكون خياراً متكاملاً، بل أن هناك الكثير من لوحات المفاتيح الأخرى ذات السرعة الأعلى.

ببساطة كان هذا الترتيب للمفاتيح واحداً من أوائل الأنماط الموجودة لترتيب المفاتيح. لكنه لم يكن مثالياً لأنه لم يصمم في الواقع لتسريع الضغط على المفاتيح. بل تم تصميم هذا النمط لتقليل مشاكل آلات الكتابة القديمة ببساطة. فبينما تستخدم لوحات مفاتيح إلكترونية اليوم، فلوحات المفاتيح القديمة كانت ميكانيكية تماماً. والكتابة تتضمن الضغط على المفتاح لدفع مطرقة صغيرة تحمل الحرف إلى الورقة. لكن عند طلب إدخال الأحرف بسرعة كبيرة، فقد كانت مشاكل احتكاك أو اصطدام الأجزاء شائعة للغاية.

بالنتيحة فقد تم تصميم لوحة مفاتيح Qwerty بحيث تبقي الأحرف التي عادة ما تأتي متتالية بعيدة عن بعضها نسبياً. بالنتيجة يقل احتمال المشاكل أثناء الكتابة، لكن تجربة الكتابة تصبح أبطأ عموماً. على أي حال فالبطء النسبي للكتابة على لوحة مفاتيح Qwerty كان ثمناً رخيصاً لتجنب التأخيرات الدورية الناتجة عن أعطال ومشاكل الكتابة.

 

هل هناك تنظيمات أخرى للوحات المفاتيح؟

لوحة مفاتيح Dvorak تبدو غريبة للغاية لمعظم الأشخاص، ومع وجود خيارات أخرى كلوحات مفاتيح بديلة، فـ Dvorak هي الأشهر.

مع الوقت تطورت آلات الكتابة إلى حد بعيد في الواقع. والمشاكل التي كانت شائعة للغاية في القرن التاسع عشر أصبحت نادرة في القرن العشرين. وبالنتيجة بدأ البحث عن بدائل ممكنة للوحة مفاتيح Qwerty التقليدية، وظهرت العديد من الموديلات المقترحة. كان العديد من هذه الموديلات غير مجدٍ في الواقع، بينما موديلات أخرى كانت أكثر نجاحاً وواحدة منها هي لوحة مفاتيح “Dvorak”.

على عكس Qwerty التي سميت بسبب ترتيب حروفها، فـ Dvorak سميت باسم مخترعها: August Dvorak. حيث صممت لوحة المفاتيح هذه مع وضع السرعة كمعيار أساسي لها. وعلى عكس لوحة مفاتيح Qwerty فالثير من الكلمات من الممكن أن تكتب من الصف الأوسط وحده فقط، وتحتاج لوحة المفاتيح هذه لحركة أقل بكثير لأصابع اليد. في الواقع لا يوجد دراسات حيادية تثبت كون لوحة المفاتيح هذه أسرع، لكن مظهرها وحده كافٍ للإقناع.

 

لماذا لا تزال لوحة QWERTY هي المسيطرة؟

على أي حال ولسوء حظ لوحة مفاتيح Dvorak وسواها، فمكان لوحة مفاتيح Qwerty لا يبدو أنه سيتغير في أي وقت قريب. وهنا يمكن النظر إلى عدة عوامل أساسية في الواقع.

اعتياد المستخدمين والشركات

كل الأدوات اليوم باتت تستخدم لوحات مفاتيح Qwerty، لذا فالتخلي عنها يبدو كسيناريو غير محتمل.

على عكس أي وقت سابق في تاريخ البشرية، فالنسبة الأكبر من البشر اليوم يعرفون الحواسيب والهواتف الذكية. ومئات الملايين منهم يستخدمون لوحات المفاتيح بشكل يومي لأغراض متعددة. وهنا تأتي المشكلة، فكون معظم البشر اعتادوا شكلاً معيناً للوحات المفاتيح يعني أنه من الصعب جداً إقناعهم بتغييرها. وحتى في حال اقتنع المستخدمون، فالخطوة الأولى هي إقناع الشركات بإنتاج لوحات المفاتيح هذه أصلاً.

الوقت الطويل اللازم للاعتياد

في حال فكرت في المرة الأولى التي استخدمت لوحة المفاتيح فيها، فعلى الأرجح أنك تتذكر المعاناة والوقت الضائع في إتقان استخدامها. فحتى أفضل مستخدمي لوحات المفاتيح لا يمكنهم اعتياد نمط كتابة جديد بين ليلة وضحاها. والأمر عادة ما يلزم عدة أشهر من الاستخدام والتدريب وفقدان الإنتاجية للانتقال لاستخدام لوحة مفاتيح جديدة. وبالنسبة لمعظم الأشخاص، فالأمر لا يستحق العناء حتى بسبب العوامل الأخرى.

 

 

البرامج والاختصارات

لنفرض جدلاً أنك قمت بالحصول على لوحة مفاتيح جديدة بتنسيق مختلف عن المعتاد. وعلى عكس التوقعات فقد أتقنتها بسرعة وأصبحت قادراً على الكتابة بسرعة كبيرة عليها. ماذا عن الاختصارات؟ وهنا لا نتحدث عن الاختصارات قليلة الاستخدام، بل تلك الشهيرة. فالجميع عادة ما يستخدم اختصارات النسخ واللصق والقص. واستخدامها عادة بسيط لأن أحرف V وC وX مجاورة لبعضها وقريبة من مفتاح Ctrl.

لكن بمجرد الانتقال إلى تنسيق مختلف للوحة المفاتيح، يصبح الأمر عشوائياً تماماً. وتتحول الاختصارات من شيء سهل جداً إلى مهمة صعبة ومزعجة وغير عملية. هذا الأمر قد يبدو غير مهم للبعض، لكن يجب أن تتذكر أن المهتمين اصلاً بجعل الكتابة أسرع هم نفسهم المهتمون باستخدام الاختصارات. وريثما تنتقل جميع البرامج والأنظمة لدعم تشكيلات أخرى للوحة المفاتيح، ستبقى لوحة مفاتيح Qwerty هي المتزعمة.